قصة ظهور العذراء مريم على الاطفال الثلاث في فاطيما بالبرتغال
قصة ظهور العذراء مريم على الاطفال الثلاث في فاطيما بالبرتغال
ظهورات العذراء في فاطيما
ظهرت العذراء القديسة مريم ست مرات لثلاثة أطفال رعاة بالقرب من مدينة فاطيما (Fatima) بالبرتغال في الفترة من 13 مايو 1917 إلى 13 أكتوبر 1917م؛ (13/5؛ 13/6؛ 13/7؛ 13/8؛ 13/9؛ 13 /10/1917)، وكانت تظهر مرة كل شهر وفي نفس التاريخ. وكان قد سبق ظهور العذراء ظهور رئيس الملائكة ميخائيل للأطفال أنفسهم في العامين السابقين 1915 و1916م،
وذلك تمهيداً لظهور العذراء. ظهور رئيس الملائكة ميخائيل كان لظهور العذراء مقدمات سمائية حدثت في العامين السابقين وقد بدأت سنة 1915م عندما كان الأطفال الرعاة الثلاثة؛ لوسيا دو سانتوس والتي كانت تبلغ من العمر 11 سنة (وقت ظهور العذراء لهم)، (مواليد 22 مارس 1907م)، والتي لا تزال على قيد الحياة حتى اليوم وتبلغ من العمر، الآن، تسعين سنة، وأولاد عمتها، فرانسيسكو مارتوس الذي كان يبلغ من العمر، وقتها، تسع سنوات (مواليد 11 يونيو 1908م)
وشقيقته الصغرى جاسنتا مارتوس، والتي كانت تبلغ من العمر سبع سنوات (مواليد 11 مارس 1910م)، يرعون الأغنام في الحقول خارج فاطما عندما رأت لوسيا سحابة شفافة تبدو في شكل جسد بشرى تتحرك عبر السماء الصافية ثم أخذت ترف على شجرة صنوبر.
قصة ظهور العذراء مريم على الاطفال الثلاث في فاطيما بالبرتغال
وبعد ذلك بعام وفي صيف 1916م كان الأطفال الثلاثة يرعون أغنامهم في مرج يدعى كوزا فيلا (Couza Velha) فهطلت الأمطار بشدة فاضطروا للجوء إلى كهف قريب وأخذوا يصلون التسبيحة وفجأة توقفت الأمطار وفي لحظة خروجهم من الكهف واجهتهم من الكهف واجهتهم ريح شديدة ثم نظروا ثانية السحابة الشفافة نفسها التي سبق أن رأتها لوسيا في العام الماضي، ولكن هذه المرة اتجهت السحابة نحوهم وتحولت إلى “شاب صغير” ظهر لهم في حوالي سن الرابعة عشر من العمر قال لهم؛
“لا تخافوا ” أنا ملاك السلام، صلوا معي ” وسجد على الأرض حتى لمست جبهته الأرض وصلى ” أنا أؤمن بك وأعبدك وأحبك يا إلهي! وأطلب عفوك صورة فوتوغرافية لأطفال فطيما الثلاثة لأجل الذين لا يؤمنون بك ولا يعبدونك ولا يحبونك ” وكرر هذه الصلاة ثلاث مرات، ثم نهض وقال لهم ” صلوا هكذا. أن قلبي يسوع والعذراء منتبهين لصوت تضرعاتكم”.
ثم اختفى عنهم. فقرر الأطفال أن لا يبلغوا أحداً بما رأوا وسمعوا. وبعد عدة أسابيع، وفي أكتوبر من نفس العام، ظهر لهم رئيس الملائكة ميخائيل ثانية وطلب منهم أن يصلوا كثيراً ويقدموا قرابين لله العلي ويتحملوا الآلامات الآتية عليهم بسماح من الرب وكان يحمل معه سر التناول، ثم سجد على الأرض وأعلن لهم عن حضور المسيح بلا هوته في سر التناول في كل مكان في العالم، وطلب منهم الصلاة من أجل توبة الخطأة. وفي نفس الوقت كانت الحرب العالمية الأولى مشتعلة في أوربا.
1- الظهور الأول للعذراء [13 مايو 1917م]
كان الأطفال الثلاثة يرعون الغنم في مروج كوفا دا آريا (Cova da Iria) وعندما دق جرس الكنيسة المجاورة ذهب الأطفال الثلاثة للصلاة، وبعد انتهاء الصلاة خطف أبصارهم برق قوى، فقرر الأطفال الثلاثة العودة إلى المنزل خوفاً من حدوث عاصفة شديدة، وفي الطريق حدث برق آخر أقوى من الأول فوقفوا خائفين ومرتعدين،
وظهر نور قوى خاطف للأبصار وفي وسط النور، فوق شجرة سنديان صغيرة، وقفت العذراء القديسة مريم في صورة فتاة فائقة الجمال والبهاء (كما وصفتها لوسيا فيما بعد) لا يزيد عمرها على ثماني عشرة سنة، ترتدي رداء أبيض رائع ويحيط برأسها هالة من نور الشمس وعلى وجهها تبدو سحابة من الألم الدفين، ولما رآها الأطفال ارتعدوا
فقالت لهم: “لا تخافوا، فلن أمسكم بأي ضرر”، فسألتها لوسيا من أين أتت، فقالت لها “أنا من السماء “، وعندما سمعت لوسيا ذلك سألتها عما تريده منهم، فقالت ” جئت لأطلب منكم أن تأتوا إلى هنا ستة أشهر متتالية، في اليوم الثالث عشر من كل شهر، وفي نفس الساعة. وسأخبركم فيما بعد، من أنا وماذا أريد، وبعد ذلك سأعود إلى هنا مرة أخرى ” فسألتها لوسيا ” هل سأذهب أنا إلى السماء؟”،
فأجابت العذراء “نعم ستذهبين “، فسألتها لوسيا أيضاً ” هل سيذهب جاسنتا وفرانسيسكو أيضا ” فأجابت ” نعم، ولكن يجب على فرانسيسكو أن يصلى التسبيحة كثيراً ” ثم قالت لهم العذراء: ” هل تريدون أن تقدموا أنفسكم لله وأن تتحملوا كل الآلام التي يسمح بها لكم من أجل الخطايا ومن أجل توبة الخطأة؟ “، ولما أجابوا بنعم قالت لهم ” إذاً ستتألمون كثيراً ولكن نعمة لله ستكون راحتكم”.
وطلبت منهم أن يصلوا كل يوم بالسبحة من أجل سلام العالم وانتهاء الحرب. ثم ابتعدت عنهم نحو المشرق واختفت في نور الشمس بعد أن استمرت الرؤيا حوالي عشرة دقائق. عاد الأطفال إلى منازلهم بفرح وروت جاسنتا لأمها كل شيء وانتشر الخبر ولم يصدق أحد ما شاهده الأطفال.
2 – الظهور الثاني للعذراء (13 يونيو 1917م) الوعد بعمل معجزة عظيمة
وفي يوم 13 مايو، وحسب الموعد الذي سبق أن حددته العذراء للأطفال الثلاثة، ذهب الأطفال إلى المكان الذي وعدت العذراء بالظهور فيه وذهب معهم 60 شخصاً من الأهالي. وبعد أن صلى الجميع التسبحة نظرت لوسيا ناحية الشرق فرأت البرق الذي يسبق ظهور العذراء وعرفت أن العذراء ستحضر حالاً وأسرعت إلى شجرة السنديان وأسرع في أعقابها فرانسيسكو وجاسنتا وبقية الأهالي.
وظهرت العذراء للأطفال الثلاثة ودار بينهم الحوار التالي: العذراء: “أنا أريدكم أن تحضروا هنا في الثالث عشر من الشهر القادم، صلوا التسبحة كل يوم، وتعلموا القراءة، وسأخبركم بما أريد فيما بعد”.
فسألتها لوسيا من أجل شفاء أحد المرضى. العذراء: “إذا رجع عن خطاياه فسيشفي خلال هذا العام “. فسألتها لوسيا أن تأخذهم إلى السماء. فقالت العذراء: ” نعم، سآخذ جاسنتا وفرانسيسكو حالاً، ولكنك أنت ستبقين في العالم فترة أطول. لأن يسوع يريد أن يستخدمك لأكون معروفة ومحبوبة أكثر”.
مريم في فاطيما (Fatima) بالبرتغال وكشفها لثلاثة أسرارفسألتها لوسيا أن كانت ستبقى في العالم طويلاً، ووعدتها العذراء بأنها لن تتركها وأنها ستكون ملاذها دائماً. كما وعدت العذراء أنها ستصنع معجزة في أكتوبر القادم تجعل كل من يحضر ذلك الظهور يصدق ويؤمن أنها كانت هناك حقاً. وطلبت منهم أن يصلوا قائلة “ضحوا بأنفسكم من أجل الخطأة وكرروا في كل مرة تصلون فيها: يا يسوع اغفر لنا خطايانا، من أجل حبك، ومن أجل توبة الخطأة”.
وقد شاهد الحضور لوسيا وهي تتحدث مع العذراء وكانوا يسمعونها دون أن يسمعوا العذراء ولكنهم لاحظوا انخفاض ضوء الشمس بدرجة ملحوظة أثناء ذلك الحديث وأن لونه كان يميل إلى الأصفر الذهبي. وبعد انتهاء الظهور الثاني انتشرت الأخبار ولكن كثيراً من الأهالي لم يصدقوا. بما فيهم أقارب الأطفال الذين كانوا يتهكمون عليهم ويسخرون منهم ويضهدونهم بشدة، حتى أن كاهن، البلدة كان متحفظاً للغاية ويميل شخصياً لعدم التصديق.
3 -الظهور الثالث للعذراء (13 يوليو 1917م)
1 -رؤيا الجحيم.
2 -إعلان تحول روسيا عن الإيمان وانتشار الإلحاد في العالم ثم عودتها للإيمان ثانية.
3 -انحراف بعض رجال الدين الكاثوليك عن العقيدة وتعاليم الكتاب المقدس.
ونتيجة لانتشار الأخبار، بعد الظهور الثاني، حضر الظهور الثالث أكثر من 5,000 (خمسة آلاف) شخص في نفس التاريخ الذي سبق أن حددته العذراء، 13/7/1917م. وفي الوقت نفسه ظهرت العذراء للأطفال الثلاثة، وشاهد جميع الحاضرين سحابة بيضاء تظلل الأطفال الثلاثة في مكان الرؤيا كما لاحظوا تضاؤلا شديداً في ضوء الشمس أثناء الرؤيا،
وهنا سجد الجميع بخشوع ورهبة واحترام بعد أن طلبت منهم لوسيا ذلك، وطلبت العذراء من الأطفال أن يحضروا إلى المكان نفسه في الثالث عشر من الشهر القادم وأن يستمروا في صلاة التسبيحة كل يوم من أجل سلام العالم وانتهاء الحرب،
ووعدت بأنها ستخبرهم عن حقيقة شخصيتها في أكتوبر القادم وإنها ستصنع معجزة يراها الكل ويؤمن بها، وكررت طلب الصلاة من أجل توبة الخطأة باستخدام الطلبة الآتية ” يا يسوع من أجل حبك ومن أجل توبة الخطأة “. وكشفت العذراء عن سر ينقسم إلى ثلاثة أجزاء الجزء الأول عبارة عن رؤيا للجحيم،
والثاني يختص بروسيا والحرب العالمية الثانية، والثالث لم يُكشف رسمياً حتى هذه اللحظة. وقد كشفت لوسيا عن الجزأين؛ الأول (رؤيا الجحيم) والثاني (الخاص بروسيا) سنة 1941م. أما الجزء الثالث، أو السر الثالث، فقد حددت له العذراء سنة 1960م:
(1) رؤيا الجحيم
في هذا الظهور الثالث كشفت العذراء للأطفال الثلاثة في رؤيا مريعة للجحيم كيف يتألم ويعذب الخطاة فيه. وتصف لوسيا تلك الرؤيا الرهيبة كالآتي: ” فتحت سيدتنا يديها وخرج منها شعاع من نور، وبدا الشعاع الذي من نور ينفذ إلى الأرض، ورأينا كبحر من نار، ورأينا الشياطين وأرواح في أشكال بشرية مثل الجمر الشفاف المحترق تغوص في تلك النار،
وهي سوداء أو برونزي لامع، تطفوا في حريق هائل ثم ترتفع في الهواء بواسطة اللهب الذي يصدر من داخل أنفسهم مع السحب العظيمة للدخان، ثم يسقطون ثانية في كل جانب مثل الشرار في النيران الضخمة بدون وزن أو توازن،
بين الصراخ والأنين من الألم واليأس، الذي أفزعنا وجعلنا نرتعد من الخوف (وقد يكون هذا المنظر هو الذي جعلني أصرخ، كما قال الناس أنهم سمعوني). وكانت الشياطين مميزة (عن أرواح البشر المدانين) بأشكالها المرعبة والعاصية مثل الحيوانات المخيفة والغير المعروفة، سوداء وشفافة مثل الفحم المحترق.
وقد دامت الرؤيا للحظات، وشكراً لأمنا السماوية التي وعدتنا في ظهورها الأول أن تأخذنا إلى السماء. فبدون ذلك الوعد لكنّا قد متنا من الخوف والرعب “.
(Fatima) بالبرتغال وكشفها لثلاثة أسرار هذه الرؤيا الرهيبة جعلت الأطفال يبكون ويصرخون، حتى أن الجموع الحاضرة سمعت لوسيا وهي تبكي. وهنا قالت لهم العذراء؛ ” ها قد رأيتم الجحيم حيث يذهب الأشرار، فصلوا من أجل إنقاذ آلاف الخطابة الذين يذهبون إلى هناك ومن أجل أن يحل السلام، الحرب (العالمية الأولى)
على وشك الانتهاء، ولكن إذا لم يتوقف الناس عن إغضاب الله ستحدث حرب عالمية ثانية أسوأ، وعندما ترون ليلا يضيئه نور مجهول فاعلموا أن هذه هي العلامة التي يعطيها الله لتعلموا أنه على وشك أن يعاقب العالم على جرائمه بالحرب والمجاعات واضطهادات الكنيسة والأب القدوس.
(2) ارتداد روسيا واشتعال الحرب العالمية الثانية ثم عودتها ثانية إلى الإيمان:
وكان الجزء الثاني، أو السر الثاني، في هذا الظهور هو كشف العذراء وإعلان وإعلانها عن حدوث حرب عالمية ثانية ” الحرب (العالمية الأولى) على وشك الانتهاء: ولكن إذا لم يتوقف الناس عن إغضاب الله فستشتعل حرب أسوأ في أيام البابا بيوس الحادي عشر(الحرب العالمية الثانية)
وعندما ترون ليلاً يضيئه نور مجهول (حدث هذا النور في سماء أوربا قبل الحرب العالمية الثانية بثلاثة شهور) فاعلموا أن هذه هي العلامة العظيمة التي يعطيها الله دلالة على أنه على وشك أن يعاقب العالم على جرائمه، بالحرب، والمجاعة، وذلك بسبب اضطهاد الكنيسة والأب القدوس “؛
ثم نبوتها عن تحول روسيا إلى الشيوعية والإلحاد ونشرها للتعاليم الخاطئة في كل العالم “ستنشر روسيا شرورها في كل العالم وتتسبب في حروب كثيرة واضطهادات للكنيسة وسيستشهد الأبرار وسيتألم الأب القدوس وستدخل أمم كثيرة في الإلحاد “، أي تصبح كثير من الأمم ملحدة، ” ولكن في آخر الأمر يقوم الأب السماوي باستمالة قلب روسيا إليه وتتحول ثانية (إلى الإيمان) وسينعم العالم كله بفترة سلام وسأسأل من أجل أن تكرس روسيا لقلبي الطاهر وستتحول روسيا وسيكون هناك سلام”.
وما أعلنته العذراء وتنبأت به عن روسيا حدث بالتفصيل، وبعد ستة شهور فقط من نبوتها، فقد ارتدت روسيا عن الإيمان في السنة نفسها 1917م بعد سيطرة الشيوعية ومجدت المادية والإلحاد وأسست ديانة جديدة هي “ديانة الإنسان “، وتحولت إلى الإلحاد القاتل والديكتاتورية الاستبدادية وأباحت الإجهاض وقتل المسنين والمرضى المسمى ب ” ضربة الرحمة” والإبادة الجماعية لرجال الدين والمؤمنين وأي فئة من الناس وقفت ضد الشيوعية والحزب الشيوعي وما أسموه بالثورة البلشفية، ونشرت هذه الشرور وغيرها في العالم مخلفة وراءها تلالاً من جثث الموتى في أماكن كثيرة، وأبيد ملايين البشر،
بل وبعض الأمم بلا رحمة، باسم الفلسفة والأحزاب الشيوعية. وحولت الشيوعية والإلحاد البلشفي عداءها لله إلى قانون وعداءها للدين والعقيدة إلى قتال لا يعرف الرحمة أو اللين فحاربت الدين بكل قوة ودرست الإلحاد في المدارس والجامعات وذلك لمدة سبعين سنة حتى خرجت جميع الأجيال التي تربت على أيدي الشيوعية وهي لا تعرف عن الدين إلا ما كُتب عنه في كتب الإلحاد التي تحاربه وتسخر منه.
وكان تدريس الإلحاد إجبارياً وحضور الحصص التي يدرس فيها الإلحاد إجبارياً، وكان طلبة المدارس يقدمون التمثيليات التي تصور رجال الدين بمجموعة من الحمقى والسذج. وتقول إحدى السيدات الرومانيات ”
يبدو أن كل الناس ضد الله؛ شبيبة الرواد والمدرسين والناظر ومذيعي الراديو، القطر بأسره. أنه ليس أمراً عادلاً، حتى في ألعابهم في فناء المدرسة لم يكن مسموحاً لهم بالهجوم على أي شخص، ولذلك كان الأمر يبدو غريباً أن يشن الجميع مثل هذه المعركة المتحمسة ضد شخص (الله) يقولون إنه لا وجود له “، (من وراء سقوط الأسوار ص 26).
اضطهدت الشيوعية الإلحادية المسيحية بقسوة لا مثيل لها، ويصف ريتشارد ورمبراند، القس الذي قضى أربعة عشر عاماً في سجون الشيوعية وتحت وطأة عذاباتها في رومانيا، والذي يصف تلك العذابات التي عاشها واكتوى بنارها بنفسه وكان شاهداً عياناً لها في كتابه “العذاب الأحمر ” كالآتي:” كان هناك راعى كنيسة يسمى فلورسكو –
تعذب هذا الشخص بالمناخس الحديدية المحماة بالنار والسكين أيضاً – وقد ضرب ضرباً مبرحاً – ثم أطلقت في زنزانته الجرذان الجائعة من أنبوبة واسعة فكان لا يستطيع النوم لأنه كان يدافع عن نفسه طول الوقت – فإذا استراح برهة كانت الجرذان تهاجمه.
لقد أجبر على الوقوف على قدميه لمدة أسبوعين نهاراً وليلاً -لقد أراد الشيوعيون أن يرغموه لكي يبوح بأسماء أخوته، ولكنه قاوم بإصرار – وفي النهاية أحضروا أبنه ذا الأربعة عشر عاماً وابتدأوا يضربونه بالسوط أمام والده قائلين إنهم سوف يستمرون في ضربه إلى أن يقول الراعي ما يريدونه أن يقول.
لقد أصبح الرجل المسكين على وشك الجنون فقد تحمل ذلك على قدر ما استطاع، وعندما لم يستطع أن يتحمل أكثر صاح بابنه قائلاً “يا ألكسندر¬ لا بد لي أن أقول ما يريدون -فإني لا أستطيع أن أحتمل ضربك أكثر من ذلك”.
فأجاب الابن “تظلمني يا أبى بأن تجعل لي منك أباً خائناً -فأن قتلوني فسأموت وعلى شفتي الكلمات ” الرب يسوع -وموطني”. فاستشاط الشيوعيون غضباً ووقعوا على الولد وضربوه حتى مات وتناثرت دماؤه على حوائط الزنزانة -ومات وهو يشكر الله -ولكن أخانا فلورسكو لم يرجع إلى حالته الطبيعية أبداً بعد ما شاهده بعينيه.
لقد قيدوا أيدينا بقيود حديدية لها أسنان داخلية حادة -فإذا كنا في سكون تام فهي لا تؤذينا ولكن عندما ترتجف أجسامنا في الزنزانات الباردة فحينئذ تؤذى تلك الأسنان أيدينا.
أن المسيحيين كانوا يعلقون منكسي الرأس بحبال – ويضربون بقسوة فكانت أجسادهم تتأرجح للأمام والخلف تحت وطأة تلك الضربات – وكان المسيحيون يوضعون في صناديق الثلج “زنزانات الثلج” التي كانت باردة جداً وكان الثلج والجليد يكسوها من الداخل. وقد القوني أنا في إحداها، وكانت ثيابي خفيفة للغاية – كان أطباء السجن يراقبوننا من خلال فتحة في الصندوق الثلجي حتى إذا لاحظوا أعراض التجمد المميتة،
فإنهم يعطون تحذيراً وحينئذ يسرع الحراس لكي يخرجونا من الصناديق الثلجية ويدفئونا – وعندما نكون قد تدفأنا – فإننا نعاد فوراً إلى الصناديق المثلجة لكي نتجمد من جديد. يذوب الثلج ثم يتجمد إلى قرب دقيقة أو اثنين من الموت، ثم يذوب الثلج ثانية، هذه العملية تستمر بدون نهاية. بالبرتغال وكشفها لثلاثة أسرار
نحن المسيحيين كنا نوضع في صناديق خشبية أوسع قليلاً جدا من حجم أجسامنا مما لا يسمح لنا أن نتحرك وهناك عشرات من المسامير الحادة قد اخترقت كل جانب من الصندوق برؤوسها الحادة مثل حد شفرة الحلاقة إن ما فعله الشيوعيون بالمسيحيين يفوق أي إمكانية للفهم الإنساني 000 أن كاهناً أصبح بعد التعذيب مجنوناً تقريباً – لقد أجبر أن يقدس برازاً وبولاً ادمياً ويعطيها للمسيحيين كعشاء الرب في تلك الحالة
(هذا الرجل قال بعد ذلك أن جميع الأوصاف التي في الكتاب عن جهنم والآلام المذكورة في الإلياذة لا تعتبر شيء بالمقارنة مع العذابات التي في السجون الشيوعية ” (ص 25 – 27) ثم حدثت حروب كثيرة بين الكتلة الشيوعية والدول المضادة لها (خاصة الرأسمالية) وبين الدول المؤيدة لكل معسكر من المعسكرين؛ الشيوعي والرأسمالي.
وأخيراً انهارت الشيوعية في كل دول أوربا الشرقية وروسيا ولم يعد لها تأثير يذكر ضد الدين وانهار الاتحاد السوفيتي وعادت روسيا إلى الإيمان هي وكل الدول التي كانت شيوعية، عدا الصين وكوريا الشمالية وفيتنام وكوبا، وتحولت الأحزاب الشيوعية، أو معظمها، إلى أحزاب سياسية اشتراكية من نوع آخر وإن كانت ما تزال قابلة للتطبيق، وعادت شعوب تلك البلاد إلى الإيمان بكل قوة، ففي 25/2 /1990 تحررت رومانيا من الشيوعية وامتلأت الكنائس بالمؤمنين الذين يعبدون الله بكل حرارة وخشوع،
وفي أول مايو 1990م قام كاهنان برفع صليب يبلغ ارتفاعه ثمانية أقدام في الميدان الأحمر بموسكو وغطت صورة السيد المسيح بريق اللوحة العملاقة التي تصور وجوه كارل ماركس وفريدريك إنجلز وفلاديمير لينين التي كانت تشكل خلفية المنصة المقامة في الميدان الأحمر وهتف أحد الكاهنين “المسيح قام ” وبعد ذلك بشهور قليلة تفكك الاتحاد السوفيتي وازدهرت الكنيسة في روسيا، وفي كل الدول التي كانت شيوعية، وتمت نبؤه العذراء، كما تم أيضاً قول السيد المسيح ” على هذه الصخرة أبني كنيستي وأبواب الجحيم لن تقوى عليها”.
قصة ظهور العذراء مريم على الاطفال الثلاث في فاطيما بالبرتغال
(3) السر الذي لم يكشف رسمياً بعد
في يوليو/أغسطس 1941م وفي الذكرى الثالثة أعلنت الأخت لوسي، لوسيا، للمرة الأولى، أن السر الذي كشفته العذراء في ظهورها الثالث في فاطيما ينقسم إلى ثلاثة أجزاء وأعلنت الجزأين الأول والثاني، كما شرحنا أعلاه، وقالت أنه غير مسموح لها أن تكشف عن الجزء الثالث وأنه يجب أن يبقى هكذا إلى سنة 1960م.
ولما مرضت سنة 1943م خشي الأسقف دا سيلفا (da Silva) أسقف ليريا/ فاطيما أن تموت دون أن تكشف عن بقية سر فاطيما وطلب منها، بناء على نصيحة صديقه ومستشاره كانون جالامبا Canon Galamba)، أن تكتب السر في وثيقة وتضعه في ظرف يغلق بالشمع الأحمر وأن لا يفتح إلا في حينه،
سنة 1960م، وبعد محاولات عديدة من الأسقف في حثها على الكتابة، ومحاولات عديدة من لوسيا للكتابة ظهرت لها العذراء في 2 يناير 1944 وطلبت منها الكتابة، فكتبت الجزء الثالث من السر ووضعته في ظرف وسلمته للأسقف فيريرا (Ferreira) رئيس أساقفة جورزا (Gurza) والذي سلمه بدوره للأسقف دا سيلفا والذي حاول تسليمه للسلطات الدينية في روما فرفضت، وعند موته تسلمه الكاردينال سيرجيرا (Serejera) بطريرك لشبونة.
وفي سنة 1957م وضع الظرف في روما بناء على طلب المكتب المقدس، ثم وضع في مكتب البابا بيوس الثاني عشر وقرأه بعد ذلك البابا يوحنا الثالث عشر ولكن لم يكشف عما جاء فيه، وفكر البابا يوحنا بولس الأول أن يكشف عن ما جاء فيه سنة 1977م ولكنه مات دون أن يتمكن من ذلك.
وأثناء زيارته لفاطيما في 13 مايو 1982م طلب البابا يوحنا بولس الثاني ترجمة الوثيقة من البرتغالية لكي يقرأها، وبعد القراءة فضل تأجيل إعلان محتواها. ثم قرأ الوثيقة الكاردينال راتزنجر (Ratzinger) وأعلن ذلك لأحد الصحفيين الإيطاليين وكتب عنه في مناسبتين، في نوفمبر 1984م / ويونيو 1985م وألمح إلى محتواه.
ولا تزال الكنيسة الكاثوليكية، حتى اليوم، رافضة لإعلان مضمون السر بصفة رسمية وإن كان جوهره ومحتواه قد أعلن بصورة غير رسمية،
وذلك في كتابات الأخت لوسي، لوسيا، نفسها، وكتابات الراهب الأخ ميشيل من دير الثالوث الأقدس، والذي كتب عنه بعد أربع سنوات من الدراسة والبحث، والأب الونسوا (Alonso) الذي كان أميناً لأرشيف فاطيما مدة 16 سنة، وأقوال الكاردينال راتزنجر، والدراسة التي قام بها جون كولورافي (Jhon Collorafi)، وذلك إلى جانب أقوال البابا جون بول الثاني، بابا الفاتيكان الحالي.
تتلخص أقوالهم كالآتي
ا – يتركز السر فيما سبق أن أعلن في العهد الجديد، خاصة الإنجيل وسفر الرؤيا، عن الارتداد، خاصة في الكنيسة الكاثوليكية، وعمل ضد المسيح والحروب الروحية الشيطانية التي تشنها القوات الشيطانية لنشر البدع والضلالات والارتباك بين رجالها.
2- التحذير من عقاب مريع، أشد ضررا وخطورة من الطوفان، سيقع على العالم إذا استمرت البشرية في عصيانها لله. فستسقط نار من السماء وتهلك جزء من البشرية، وتغمر المحيطات بمياهها جزءاً كبيراً من مساحة الأرض وتهلك جزء من البشرية.
3- كما يتلخص جوهر السر فيما أعلن بعد ذلك في ظهورات العذراء الأخرى، خاصة ظهورها في أكيتا في اليابان والذي تكلمت فيه عن سقوط بعض رجال الدين في الكنيسة الكاثوليك في البدع والضلالات.
وتقول الأخت لوسي، لوسيا، في مذكراتها “رسالتي هي أن أوضح لكل أحد الخطر الوشيك الذي نفقد فيه أرواحنا كل الأبدية إذا بقينا في الخطية “، ويقول الكاردينال راتزنجر” أنه (السر) دعوة جذرية للتحول (عن الإيمان الحقيقي) والخطر الحقيقي الذي يهدد الإيمان وحياة المسيحي، والعالم. وتأكيداً لأهمية الأزمنة الأخيرة”.
ثم يؤكد أن ذلك هو ما سبق أن أعلن في الكتاب المقدس، وهو نفس ما تكرر في ظهورات العذراء الأخرى، خاصة في أكيتا باليابان، ويقول إن ظهورات العذراء هي تحذير من عقاب مريع سيأتي على جزء كبير من الجنس البشرى إذا لم تتب البشرية، مؤكداً لقول السيد المسيح “أن لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون” (لو 3: 13).
والتحذير الرهيب جاء في أكيتا يقول “إذا لم يتب الناس ويصلحون حياتهم سيوقع الأب عقاب رهيب على كل العالم، وسيكون أشد خطورة من الطوفان نار ستسقط من السماء وستهلك جزءاً كبيراً من البشرية”.
ولكن يمكن تجنب العقاب إذا قام عدد كبير من الأساقفة والكهنة بالمناداة برسالة التوبة، وأذ تنبه الأمناء لدعوتهم، أنه ليست هناك حاجة للهستيريا (الخوف المبالغ فيه) والفزع ولكن لا يوجد سبب للرضا بما نحن فيه. ويعلق الأب ألونسو، رئيس أرشيف فطيما، بعد أن سأل الأخت لوسي، لوسيا، في أمور كثيرة ويقول أن ذلك يعنى بمنتهى الوضوح ضعف في الإيمان، أي أزمة في الإيمان، تختص بالعقائد التي ستصبح غامضة أو تفقد جوهرها في كثير من الأمم.
ثم يركز على ما يسميه نزاع داخلي عند الكاثوليك وضعفات كهنتهم ووجود هذه الضعفات، التي يسميها هو نقائص، حتى بين أعلى الدرجات الكهنوتية الكاثوليكية ثم يتحدث عن بعض من يسمون بعلماء اللاهوت الذين ينكرون لاهوت المسيح، وأبوة الله، والثالوث الأقدس.
ويقول تقرير للكنيسة الكاثوليكية تحت عنوان “كنيسة في أزمة “: ” لقد شهد تأثير الكنيسة وسلطانها منذ انتهاء مؤتمر الفاتيكان الثاني في بداية الستينات انحداراً لم يُرى منذ أكثر من 1800 سنة! ويعتقد كثيرون من علماء اللاهوت والمسؤولين في فاطيما الآن أن هذه الأزمة في الإيمان الكاثوليكي هي موضوع السر الثالث لفاطيما والذي لم يعلن بعد والذي يحتوي على إجابة السماء لانتشار التشويش والارتباك داخل الكنيسة “. ويضيف الراهب الأخ (الفري) ميشيل تحت عنوان ” السر الثالث لفاطيما والهرطقة في الكنيسة”؛”
ندخل في أحد أكثر المداخل آلاماً لسر فاطيما، فالسر يتنبأ حقاً عن ضلال بعض رجال الدين (الكاثوليك)، ويتنبأ عن عدد من الأرواح المكرسة سيسقطون في التجربة ويخدم البعض العدو بأفكارهم اللاهوتية ويضعفوا وحدة الكنيسة وإيمانها “، ثم يتكلم عن التردي في الإباحية واللا أخلاقية والتهاون في الإيمان والاستهتار بالعقيدة ويضيف نحن رجال الدين الكاثوليك نتهاون في بعض الأماكن ويسمح بعض الكهنة بأغاني تدنس الأقداس الخ…
أما لوسيا، أو الأخت لوسي، فتحذر من اكتساح الموجة الشيطانية للعالم وتقول” إنه لأمر محزن أن يترك أناس كثيرون أنفسهم لتسيطر عليها الموجة الشيطانية التي تكتسح العالم! ويغمضون أعينهم للدرجة التي يصبحون فيها غير قادرين على رؤية الخطأ، وغلطتهم الرئيسية هي أنهم تركوا الصلاة”. وتعتبر أن أكثر أجزاء سر فاطيما حزناً هو أن كثيرا من الأرواح المكرسة تسقط في ضلال إبليس”.
إنه لأمر محزن أن نرى مثل هذا الارتباك العظيم، وأن نرى أشخاصاً كثيرين إدخال الشر في زي الخير، وبدأ العميان يقودون الآخرين كما يخبرنا الرب في الإنجيل… “وتؤكد لوسيا أن ” العذراء تعرف أن أوقات الضلالات الشيطانية لابد أن تأتى” إذا لم يرجع الناس إلى الله.
وتقول في رسالة لها للأب اجوستينو فونتيس في 22 مايو 1958م ” 00 أخبر كل أحد أن سيدتنا أخبرتني مرات كثيرة: أن أمم كثيرة ستختفي من على وجه الأرض. وسُتستخدم أمم لا إله لها لتكون أداة الله المختارة لعقاب البشرية إذا لم نتب وسيبدأ الشيطان معركته الحاسمة ضد سيدتنا لأن ما يحزن قلب مريم الطاهر ويسوع هو سقوط أرواح الأتقياء والكهنة.
الشيطان يعلم أن المتدينين والكهنة يهملون دعوتهم ويجرون أرواح عديدة إلى الجحيم الشرير يبذل أقصى ما في وسعه لكي يحاصرنا ويبعدنا عن الصلاة. ويجب أن ننقذ أنفسنا أو ندان “. ” وقالت سيدتنا بوضوح ” نحن نقترب من نهاية الأيام” وكررت ذلك لي ثلاث مرات.
فقد أكدت أولاً، أن الشرير قد أعطى المعركة الحاسمة الذي سيخرج منهما منتصراً أو منهزماً: ونحن إما نكون مع الله أو مع الشرير وفي المرة الثالثة أخبرتني أن: “أنها تقدم لنا بخشية الملاذ الأخير العذراء شخصياً في ظهوراتها العديدة، ودموعها، ورسائل التبصير التي أرسلتها في كل أجزاء العالم “. وتستمر سيدتنا تقول” أنه إذا لم نستمع لها واستمرينا في الخطأ، فلن يُغفر لنا أبداً”.
وفي إجابته على سؤال وجه إليه، من بعض الزوار في كاتدرائية ميدان فولدا (Fulda) في ألمانيا الغربية، في نوفمبر 1980م، يقول “لماذا لم ينشر السر الثالث سنة 1960 م كما طلبت سيدة فاطيما؟ “، قال البابا جون بول لأنه لو كشف عن ” ثقل مضمونة ” فسيؤدى ذلك لعداء جزء من ” القوى الشيوعية العالمية”،
أي الاتحاد السوفيتي، ولذلك فقد رأى الفاتيكان أنه من الأفضل أن يؤجل النشر “بسبب الدبلوماسية “، ثم ألمح إلى جزء من الرسالة قائلاً ” حيث يقال إن المحيطات ستغمر كلية أجزاء معينة من الأرض، ومن لحظة إلى لحظة سيباد ملايين من الناس”.
وقال أيضاً ” يجب علينا أن نكون مستعدين لتحمل الآلام، فقبل أن يمر وقت طويل، ستقع تجارب عظيمة تتطلب منا أن أضحى حتى بأنفسنا من أجل المسيح. فبصلاتكم وصلاتي مازال في الإمكان التقليل من هذه التجارب، ولكن لم يعد في الإمكان تجنبها، لأنه في هذه المسألة فقط يمكن أن تتجدد الكنيسة بفاعلية.
وكما تم تجديد الكنيسة مرات كثيرة بالدم، فلن يكون التجديد مختلقاً هذه المرة “. على أية حال، يقول العلماء الكاثوليك، أننا نعيش حاليا، هذه الأيام ومنذ سنة 1960م، في نبوات السر الثالث وتحقيقها ولم نصل بعد إلى ختامها، لماذا؟ لأن روسيا، كما يقولون، لم تكرس قلبها بعد للعذراء والذي لا بد أن يحدث يوماً ما.
وقالت الأخت لوسي، لوسيا، أنه حتى بعدما حدث في 25 مارس 1984م لم تتحول روسيا بعد والعالم لم يدخل مرحلة السلام بعد، فالشيوعية ما تزال موجودة في روسيا كقوة سياسية قابلة للتطبيق وموجودة بصفة أساسية وكأيديولوجية سائدة في الصين وكوريا الشمالية وفيتنام وكوبا، لذا لم نصل بعد إلى نهاية النبوة.
فلدينا إذا نقطة بداية للنبوة هي 1960م، كما قالت الأخت لوسي، لوسيا، للكاردينال أوتافيانى (Ottaviani) “في سنة 1960 ستظهر الرسالة أكثر وضوحاً “، كما قالت أيضاً ” العقوبات التي أنبأت بها سيدتنا في السر الثالث بدأت تواً”. ونحن متأكدون، يقول العلماء الكاثوليك، أننا في الزمن الحاضر نعيش نبوات السر الثالث ونشاهد الأحداث التي أعلنت عنها العذراء القديسة مريم.
4- الظهور الرابع للعذراء (19 أغسطس 1917م)
في ميعاد الظهور الرابع، في يوم 13/8/1917م، تجمع في مكان الظهور 18,000 (ثمانية عشر ألف شخص) وأخذوا في الترنيم والصلاة والتسبيح، ولكن الأطفال لم يحضروا في الميعاد لأن حاكم المنطقة حبسهم في المركز بالقوة، ولما علمت الجموع بذلك هاجوا وقرروا التظاهر أمام مركز الحكومة.
وهنا سمع الجميع دوى الرعد وازدانت السماء ببريق لامع، فتضاءل نور الشمس، ومال لون الجو إلى الاصفرار، وتكونت سحابة بيضاء جميلة فوق شجرة السنديان الصغيرة ثم ارتفعت ثم تلاشت، فذهل الجميع وعادوا إلى منازلهم وهم يتحدثون عما شاهدوه بفرح ونشوة.
وفي 19 أغسطس ظهرت العذراء للأطفال الثلاثة في مكان آخر يسمى فالينبوس واستنكرت ما فعله الحاكم معهم وقالت لهم “أريدكم أن تستمروا في الذهاب إلى كوفا دا أريا في الثالث عشر من الشهر وأن تواصلوا الصلاة بالتسبيحة كل يوم، وفي الشهر الأخير سأعمل معجزة تجعل الكل يؤمن “. ولما سألتها لوسيا” ماذا نعمل بالنقود التي يتركها الناس؟
“قالت لها ” اصنعي خطابين، احملي أنت وجاسنتا وبنتان أخريان يرتديان ملابس بيضاء، أحدهما، والآخر يحمله فرانسيسكو وثلاثة أولاد آُخر، وتستخدم النقود في الاحتفال بسيدة التسبيحة وما يتبقى بعد ذلك يساعد في بناء كنيسة في هذا المكان”.
وطلبت منها لوسيا أن تشفي بعض الناس المرضى، فقالت لها “نعم، سأشفي بعضهم خلال العام “. وقبل أن تذهب قالت لهم ” صلوا، صلوا كثيراً… من أجل الخطاة: لأن أرواح كثيرة تذهب إلى الجحيم لأنه لا يوجد من… يصلى من أجلهم”.
5- الظهور الخامس للعذراء (13 سبتمبر 1917م)
توجه إلى بلدة فاطيما، في يوم 13/9/1917م أكثر من 30,000 (ثلاثين ألف) شخص، وسجدوا جميعا في الوادي للصلاة بكل خشوع بعد أن طلبت منهم لوسيا ذلك، وفي الوقت المعين بدأت الشمس تفقد بهاءها ومال لون الجو إلى الاصفرار لذهبي، وشاهد أكثر الحاضرين كرة من نور تسير بعظمة وجلال من الشرق إلى الغرب في الفضاء وظللت سحابة بيضاء شجرة السنديان والأطفال الثلاثة، ولاحظ الجمع كله أن لوسيا كانت تتحدث بصوت مرتفع مع شخص غير منظور، مع العذراء التي كان الأطفال يرونها ولا يراها الجموع.
وكررت العذراء طلب الصلاة بالتسبيحة ” استمروا في الصلاة بالتسبحة لكي انتهى الحرب، في أكتوبر سيأتي ربنا وسيظهر القديس يوسف مع الطفل يسوع ليبارك العالم. الله راضى عن تضحياتكم”. ولما سألتها لوسيا عن شفاء بعض الناس، قالت لها “نعم، سأشفي البعض ولكن الباقين لن يشفوا لأن السيد المسيح غير راض عنهم”، ثم أكدت على المعجزة التي ستحدث في أكتوبر.
6- الظهور السادس (13 أكتوبر 1017م)
المعجزة الكبرى معجزة الشمس
بسبب وعد العذراء بعمل معجزة كبرى في الظهور السادس والأخير معجزة يراها كل أحد ويؤمن بها، في فاطيما، وانتشار الخبر في جميع البلاد أجتمع في الوقت المحدد والمكان المحدد 70,000 (سبعون ألف شخص) من كل البلاد والفئات والأعمار والأديان والثقافات ورجال الصحافة والإعلام. في ذلك اليوم أشرقت الشمس ولكن غطتها سحابة مظلمة منذرة بعاصفة شديدة، وفي الساعة العاشرة صباحاً سقطت الأمطار بغزارة شديدة وكانت الريح شديدة وعاصفة،
وعند الظهر وفي الوقت المعتاد لظهور العذراء لم يحدث شيء مما جعل أهالي الأطفال يخشون عليهم من غضب الجموع الحاضرة لو حدث لهم خيبة أمل ولم تحدث المعجزة الموعودة، واقترح كاهن البلدة على الأطفال أن يغادروا المكان ولكن الأطفال الثلاثة أصروا على البقاء، وفي اللحظة التي حاول فيها الكاهن أن يدفعهم دفعاً للذهاب إلى منازلهم. وقد رأت لوسيا الوميض الذي كان يسبق دائماً ظهور العذراء.
وفي تلك اللحظة توقف المطر بصورة عجيبة ومفاجئة وأشرقت الشمس وصرخت لوسيا “ها هي تأتى”، وهنا شاهدت الجموع، على ثلاث دفعات متتالية، سحابة بيضاء تظلل الأطفال الثلاثة طوال مدة الظهور الذي استمر من 12 إلى 13 دقيقة. وأبلغت العذراء لوسيا أنه يجب أن يبنى للعذراء كنيسة في مكان الظهور تكريما لها
وأن يصلى المؤمنون التسبحة باستمرار، كما أبلغتها أن الحرب العالمية الأولى على وشك الانتهاء وأن الجنود سيعودون إلى منازلهم حالاً. ووعدتها بشفاء بعض المرضى التي طلبت من العذراء شفاءهم، أما البعض الآخر فعليهم أن يتوبوا ويصلحوا طرقهم أولا، وطلبت من لوسيا أن تصلى من أجلهم.
وعند مغادرة العذراء بسطت يداها فخرج منها فيضان من النور، وعندما كانت صاعدة إلى السماء اتجهت نحو الشمس فأضاء النور الخارج من يديها الشمس نفسها وفجأة انطلق من وسط الجموع صرخة اندهاش مروعة فقد صارت الشمس باهتة مثل القمر وعلى يسار الشمس رأى الأطفال القديس يوسف يمسك في يده اليسرى الطفل يسوع، ثم رفع القديس يوسف يده اليمنى مع الطفل يسوع ورسما علامة الصليب ثلاث مرات على الجموع، ولكن الجموع لم ترى سوى إخفاق الشمس.
وفي نفس اللحظة ظهرت العذراء على يمين الشمس في هيئة سامية مجيدة وترتدي رداء أزرق وأبيض ورأت لوسيا السيد المسيح في زي أحمر كالفادي الإلهي وهو يبارك الجموع، ثم ظهرت العذراء بين السيد المسيح والقديس يوسف في ثوب أرجواني، ثم ظهرت ثانية للوسيا في ثوب بنى بسيط.
كرة من نار وأنوار مبهرة
وفي الوقت الذي كان الأطفال يشاهدون فيه هذه الرؤى السمائية كانت الجموع على الجانب الآخر مأخوذة ومشدوهة بمنظر مدهش ومروع يحدث في السماء، فقد امتنع المطر فجأة، كما بينا أعلاه، وانقشعت الغيوم ووضحت الشمس بيضاء مثل كرة نارية بلون الفضة يمكن التحديق فيها بدون أذى حتى إن أحد الحاضرين صاح قائلاً ” يمكنا أن نحدق في الشمس بسهولة أنها لا تؤذي (العين) على الإطلاق.
ثم دارت الشمس مندفعة كعجلة من نار حول نفسها مترنحة، ومثل كشاف جبار، كانت ترسل في جميع الأنحاء أنوارا خيالية مبهرة حمراء وخضراء ومن كل لون فوق السحب وفوق لون فوق السحب وفوق الجماهير المحتشدة. فوقف الناس في سكون وصمت مهيب يحملقون في الشمس. ثم توقفت الشمس عن إرسال أنوارها فجأة وبدأت تدور ثانية وكأنها “ترقص”
ثم توقفت، وتكرر ذلك مرة ثالثة حتى بدا وكأنها تفقد السيطرة على نفسها، ثم اندفعت مثل كرة نارية كبيرة نحو الأرض وبدا وكأنها ستسقط على الناس فذعرت الجموع وامتلأت قلوبهم بالرعب وظنوا أنها نهاية العالم وأنهم مائتين لا محالة فصرخوا في رعب وطلب بعضهم الرحمة وتاب البعض نادما على ما فعل من خطايا،
واعترفت إحدى السيدات بخطاياها علانية. وتوقف الشمس فجأة وعادت لمكانها في السماء. وعندما انتهت المعجزة وجد الناس سواء الذين كانوا في مكان الظهور أو الذين كانوا في القرى المحيطة، أن كل شيء جف فجأة من مياه الأمطار الغزيرة التي هطلت قبل حدوث المعجزة مباشرة
7 – الصحافة والظهور
كان هناك في ذلك الوقت في البرتغال صحيفتان شهيرتان هما الأخبار اليومية Daily News) والقرن Secule) وكانتا ضد الدين دائماً ولما حدثت الظهورات قامت كلتاهما بتسجيل معجزة الشمس بالتفصيل كما سجلت الكثير من أقوال شهود العيان، فجاء في جريدة القرن ما نصه ”
صار للسماء شكل رمادي لؤلئ خفيف وشفاف غريب ملأ الطبيعة الكئيبة وبدت الشمس محتجبة بضباب شفاف ليمكننا من النظر فيها بدون صعوبة، وبدأ اللون الرمادي الشفاف الصفحة الأولى من جريدة القرن الصادرة في يتغير كما إلى قرص فضي ونما حتى اخترق 15 أكتوبر 1917م وتروى خبر المعجزة السحاب،
وظلت الشمس مغلفة بنفس الضوء الرمادي الشفاف، ثم شوهدت وهي تدور وتتلوى داخل دائرة السحاب المتقلص، وصرخ الناس بصوت واحد وخر آلاف البشر الذين أرتفع إيمانهم إلى السماء وسجدوا على ركبهم على الأرض الطينية. ثم صار النور أزرق خفيف ينشر أشعته على الكرة الهائلة كما لو أنه يسطع من خلال زجاج ملون لكاتدرائية عظيمة،
ثم خفت اللون الأزرق واختفي وبدا وكأنه ينفذ من خلال زجاج ملون بالأصفر، وبدأت البقع الصفراء تسقط على الأرض “وبعدما ذكرت هذا قالت ” وكان كل الناس يبكون ويصلون برؤوس عارية مأخوذين بعظمة المعجزة التي كانت متوقعة”.
ويسجل أحد شهود العيان ” لقد كانت (الشمس) مثل كرة ثلجية تدور حول نفسها ثم بدت وكأنها تسقط متعرجة مهددة بالسقوط على الأرض فتملكني الرعب وجريت لأخفي نفسي وسط الناس، وكان الجميع يبكون متوقعين نهاية العالم بين لحظة وأخرى. وكان يقف بالقرب منا شخص غير مؤمن، بلا دين، وقد قضى الصباح في السخرية من الذين قاموا برحلة طويلة إلى فاطيما للتسلية، ونظرت إليه وكان واقفا مصعوقاً متحيراً وعينيه مثبتتين على الشمس،
ثم وجدته يرتعش من رأسه إلى قدميه ورفع يديه إلى السماء وسقط على ركبتيه في الحال صائحاً “Nossa Senhora! nossa Senhora! ” سيدتي! سيدتي!”. وأثناء تلك الدقائق الطويلة للظاهرة الشمسية انعكس علينا كل ألوان الطيف، فعندما نظر الواحد للآخر بدا واحد ازرق وآخر أصفر وآخر قرمزي 000 كل هذه الظواهر الغريبة زادت من رعب الجموع. وبعد حوالي عشر دقائق عادت الشمس لمكانها بنفس الطريقة التي نزلت بها.
8- موقف الكنيسة من الظهور
كانت ظهورات العذراء في فاطيما، خاصة من الثاني إلى السادس، محددة سابقاً، كما كانت معجزة الشمس معلنة سابقاً من العذراء ووقتها محدد سابقاً وبدقة، ونتيجة لذلك فقد حضر الظهور العديد من رجال الدين وشاهدوه وشهدوا له، ومن هؤلاء الأب مانيترا (Joao Gomes Manitra) الذي جاء في شهادته عما شاهده ” ولدهشتي نظرت إلى الناس فوجدتهم في ألوان مختلفة أصفر وأبيض وأزرق،
وفي نفس الوقت نظرت الشمس تهبط في شكل لولبي بسرعة عظيمة وفي الحال اعتقدت أني سأموت! فسجدت على بعض الأحجار ورفعت يدي والتمست أن الله أن يغفر لي كل خطأ ارتكبته. “. وبرغم مشاهدة العديد من رجال الدين للظهور وشهادتهم له ومع ذلك فقد استمرت الكنيسة في بحث الظاهرة ودراستها لمدة ثلاث عشرة سنة، وفي 13 أكتوبر 1930م أعلن أسقف ليريا (Leiria) أن ظهور العذراء في سماء بلدة فاطيما هو أمر محقق وعلامة إلهية جديرة بالإيمان.
9- موقف الملحدين من الظهور
لم يصدق الملحدون، كالعادة، قصة الظهورات السمائية للعذراء، لأنهم لا يؤمنون أصلاً بوجود الله، كما لم يصدقها أيضا غير المؤمنين لعدم إيمانهم بالمسيحية ولاعتقادهم أن عصر المعجزات قد انتهى، ولكن عددا كبيراً منهم حضر إلى مكان الظهور نتيجة لإعلان العذراء عن معجزة الشمس قبل حدوثها وتحديد تاريخ حدوثها بدقة، وذلك من باب الفضول أو ليسخروا من المؤمنين أو لأي سبب آخر. وبعد مشاهدتهم لمعجزة الشمس ودراستها دراسة علمية منطقية أمنوا بحقيقة الظهورات وشهدوا لها. وفيما يلي الأسباب العلمية التي تؤكد حقيقة الظهور والمعجزة:
1- إعلان الأطفال لزمان ومكان معجزة الشمس مقدما، كما أعلنت لهم العذراء.
2- ظهور نور قوى غير مألوف كان يُرى على مدى أكثر من عشرين ميلً مثل عجلات الألعاب النارية يرسل إشعاعات عظيمة من الضوء الملون.
3- مشاهدة عشرات الألوف من الناس لكرة النار وهي تهبط عموديا على الأرض في شكل لولبي حتى ظنوا أنها نهاية العالم.
4- توقف كرة النار العظيمة عندما كانت على وشك أن تحطم الأرض وعودتها ثانية إلى السماء. هذه الكرة جاءت من مكان الشمس وعادت لموقع الشمس، ولذلك فقد أعتقد كل من شاهدها أنها الشمس.
5- الجفاف المفاجئ لقمة الجبل الذي كان قد ابتل وغمرته الأمطار لساعات طويلة فقد جفت الأرض وملابس الناس بشكل فجائي أثناء المعجزة..
6- مشاهدة عشرات الألوف من الناس العاديين والعلماء والملحدين وغير المؤمنين، من كل الأعمار والطبقات والديانات والثقافات على امتداد مساحة 600 ميل مربع، وشاهدها أيضا كثيرون في أماكن أخرى بعيدة عن موقع الظهور.
تحقق نبوّة العذراء في حياة الثلاثة الذين ظهرت لهم
وقد تحققت نبوّة العذراء للأطفال الثلاثة الذين ظهرت لهم فقد توفي فرانشيسكو بعد أن تناول للمرة الأولى حسب الطقس الكاثوليكي في يوم 4 إبريل سنة 1919م، ثم توفت جاسنتا في 20 فبراير سنة 1920م ودفن الاثنان في فاطيما وفيما بعد نقلوهما إلى باسيليكا (كاتدرائية – هي التي في الصورة المجاورة)
بينت مخصوص في كوفا دي إريا، ووضعت عليها صورتيهما. أما لوسيا فهي ما تزال حية، حسب وعد العذراء لها، حتى اليوم. وقد نشرت لها ال BBC News الصورة التالية مع قداسة البابا جون بول الثاني في 12 مايو سنة 2000م ولم نقرأ أخبار بعد عن انتقالها من هذا العالم في الثلاثة أعوام الماضية.
المصادر: أخبار الكنيسة، موقع زينيت، مواقع تابعة للكنيسة الرسولية، كتاب ظهورات العذراء
مواضيع ذات صلة
- قصة حياة القديسة ريتا شفيعة الأمور المستحيلة
- حياة القديسة رفقا الراهبة اللبنانية المارونية
- قصة حياة القديسة مريم العذراء أم يسوع
- حياة القديس مار شربل الراهب اللبناني الماروني
- قصة حياة وسيرة القديس العظيم باجوش شفيع الضيقة
- القديس بادري بيو أعجوبة القرن العشرين
قصة حياة القديس الشاب دومينيك سافيو Saint Dominic Savio