يسوع على الصليب قد أحبني وضحّى بنفسه من أجلي
يسوع على الصليب قد أحبني وضحّى بنفسه من أجلي، وسلّم جسده ودمه بين أيدينا ليكون دائمًا معنا ويسكن في وسطنا
أجرى البابا فرنسيس صباح اليوم الأربعاء مقابلته العامة الأولى مع المؤمنين في ساحة القديس بطرس بالفاتيكان، واستهل تعليمه الأسبوعي بالقول: أنا سعيد باستقبالكم في مقابلتي العامة الأولى. أود اليوم أن أتوقف عند أسبوع الآلام. بأحد الشعانين افتتحنا هذا الأسبوع الذي من خلاله نرافق يسوع في آلامه، موته وقيامته. لكن ماذا يعني لنا عيش أسبوع الآلام؟ ماذا يعني اتباع يسوع في مسيرته على الجلجلة نحو الصليب والقيامة؟ في رسالته الأرضيّة،
مسيرة يسوع
سار يسوع على دروب المدينة المقدسة، دعا اثني عشر شخصًا بسيطًا ليمكثوا معه، ويشاركوه مسيرته ويتابعوا رسالته. تابع الأب الأقدس يقول لقد تحدث يسوع مع الجميع، من دون تمييز، مع الكبار ومع المتواضعين، مع الشاب الغني والأرملة الفقيرة، مع المقتدرين والضعفاء، لقد حمل رحمة الله ومغفرته، شفى وواسى، وفهم، أعطى رجاءً وحمل للجميع حضور الله الذي يهتم بكل رجل وامرأة، كما يفعل أي أب صالح أو أم صالحة تجاه كل من أبنائهم. فالله لم ينتظر كي نذهب إليه، بل أتى إلينا، من دون حسابات ومعايير.
عاش يسوع الواقع اليومي للناس العاديين: لقد تأثّر أمام الجمع الذي بدأ كقطيع بدون راع، لقد بكى أمام ألم مرتا ومريم لموت أخيهما لعازر، لقد دعا العشار ليكون تلميذًا له، وعاش خيانة صديق. بيسوع أعطانا الله اليقين بأنه معنا وفي وسطنا. “إن للثعالب أوجرة، ولطيور السماء أوكارًا، وأما ابن الإنسان فليس له ما يضع عليه رأسه” (متى 8، 20) فيسوع لا بيت له لأن بيته هو الناس، ورسالته أن يفتح للجميع أبواب الله وأن يكون حضور محبة الله.
أضاف الحبر الأعظم
نعيش في أسبوع الآلام قمة هذه المسيرة، ومخطط الحب هذا الذي يجول في كلّ تاريخ العلاقات بين الله والبشريّة. دخل يسوع أورشليم ليتمم الخطوة الأخيرة التي بها يلخّص وجوده بأكمله: ليعطي ذاته بكليّتها. فابن الله قدّم ذاته لأجلنا، وسلّم جسده ودمه بين أيدينا ليكون دائمًا معنا ويسكن في وسطنا.
فيسوع لا يعيش هذا الحب الذي يقوده إلى التضحية كقدر مُحتّم ولا يخفي اضطرابه البشري العميق أمام الموت القاسي ولكنه يستسلم بثقة تامة للآب. لقد أسلم يسوع ذاته بحريّة للموت ليجيب على محبة الله الآب و اتحاد تام مع مشيئته ليظهر لنا حبّه. فيسوع على الصليب قد “أحبّني وضحّى بنفسه من أجلي” (غل 2، 20).
ما معنى كل ذلك لنا؟ هذا يعني أن هذا الدرب هو أيضًا دربي ودربك ودربنا. أن نعيش أسبوع الآلام باتباع يسوع يعني أن نتعلّم أن نخرج من ذواتنا للقاء الآخرين، أن نذهب نحن أولاً نحو إخوتنا وأخواتنا، لاسيما أولئك البعيدين والمنسيين والأكثر حاجة للتفاهم والمواساة والمساعدة.
عيش أسبوع الآلام
هو الدخول في منطق الله، منطق الصليب، منطق الحب وهبة الذات التي تعطي الحياة. إنه دخول في منطق الإنجيل، فإتباع المسيح ومرافقته والمكوث معه يتطلّبون “خروجًا” من الذات. وأضاف البابا يقول: قد يقول لي البعض:” أبتي ليس لدي وقتًا”، أو “لدي الكثير لأقوم به”، أو “إنه أمر صعب”، أو “ماذا باستطاعتي أن أفعل بقواي الضعيفة وبخطيئتي؟ غالبًا ما نكتفي ببعض الصلوات، أو بقداس الأحد من فترة إلى أُخرى أو ببعض أعمال المحبّة ولكننا لا نتحلّى بالشجاعة للـ “خروج” لحمل المسيح. يسوع على الصليب قد أحبني
بذلك نشبه القديس بطرس، فما إن تكلّم يسوع عن آلام وموت وقيامة، حتى انفرد به بطرس وأخذ يعاتبه، لأن ما قاله يسوع لا يتناسب مع الفكرة التي كوّنها التلميذ عن المسيح. فالتفت يسوع إلى التلاميذ وتوجه إلى بطرس بأحد أقسى التعابير التي نجدها في الأناجيل: “اذهب عني يا شيطان، لأن أفكارك ليست أفكار الله، بل أفكار البشر” (مر 8، 33). الله يفكر دائمًا برحمة، إنه الأب الرحيم، يفكر كأب ينتظر عودة الابن ويخرج إلى لقائه عندما يراه آتيًا من بعيد. فالله يفكر كالراعي الذي يعطي حياته لليافع عن خرافه ويخلّصهم.
ختم البابا فرنسيس تعليمه الأسبوعي بالقول
إن أسبوع الآلام هو زمن نعم يعطينا إياه الله لنفتح أبواب قلبنا وحياتنا، رعايانا ومنظماتنا لـ “نخرج” للقاء الآخرين، لنقترب منهم ونحمل نور وفرح إيماننا. أتمنى للجميع أن يعيشوا هذه الأيام باتباع الرب بشجاعة، حاملين في داخلنا شعاع محبّته للذين نلتقيهم.
إذاعة الفاتيكان
مواضيع ذات صلة
- عدد المهجرين المسيحيين بسوريا تجاوز النصف مليون مواطن
- مسلمون يرقصون ويهللون فوق أنقاض كنائس حرقوها
- سيلفستر ستالون يسلم حياته للرب يسوع المسيح
- رسالة مار شربل قديس لبنان للسيدة هيلانة
- شيخ داعشي: إن من تقتله أميركا له 144 حورية
المسيحية لا تعرف الانتقام بل تدعو للمسامحة والحب
يسوع على الصليب قد أحبني وضحّى بنفسه من أجلي